الخطاط سامي أفندي ( سلطان الخطاطين )
هو محمّد سامي بن الحاج محمود، يُعتبر من كبار الخطّاطين الأتراك العظام، وهو في نظر كلّ الخطّاطين قمّة لا تُطال في خطّ الثلث الجلي وفي التخميل. وُلد في استنبول في 16 من ذي الحجّة عام 1253، درس في الكتّاب صغيرا ثمّ عُيّن في قلم المالية ثمّ كاتبا في الديوان السلطاني، وأحيل إلى التقاعد عند إعلان الدستور. أخذ الخطّ أوّلا عن معلّم في حيّهم يُسمّى بوشناق عثمان أفندي، وأخذ الثلث وجليّه والنسخ عن رجائي أفندي تلميذ راقم، والديواني والطغراء عن ناصح أفندي، وأخذ التعليق عن قبرصي زاده إسماعيل حقّي أفندي، والتعليق الجلي عن علي حيدر بك والرقعة عن ممتاز أفندي، ثمّ تفوّق في كلّ الأقلام بما آتاه الله جل وعز من مواهب فطرية وعزم واجتهاد، كما كان شغوفا بخطوط مصطفى راقم التي تركها على العمائر وغيرها، وقد تفوّق في الثلث وجليّه على طريقة راقم حتى سُمي براقم الثاني، كان أحسن من كتب الخطّ الفارسي على الأسلوب التركي وهو طريقة يساري زاده، ويُعتبر الأسلوب الإيراني في الخطّ الفارسي أحسن من الأسلوب التركي وأجود، وجوّد سامي الطريقتين وتقدّم بهما، أمّا بعد 1310 فنلاحظ تأثير الثلث الذي كان يكتبه إسماعيل الزهدي في كتابات الثلث الجلي عنده، وأغلب كتاباته بالزرنيخ على ورق أسود، حتّى يستطيع تصحيحها بكلّ حرّية، ويتنافس المذهّبون على قوالب خطوطه وملئها بالذهب، ويقول عنه درمان: له أعمال يظلّ يصحّحها سنوات طويلة بسبب دقته وعنايته، لكنّها كانت تظهر في النهاية فتأخذ بالألباب، وذكر محمد سعيد شريفي عن الأستاذ درمان أنّ ساميا قضى ستّة أشهر في كتابة كلمتين بخطّ الثلث الجلي في مساحة كبيرة قدر فتحة نافذة، فاستغرب معاصروه منه ذلك، فقال: لا أُسأل عمّا قضيت فيها من وقت، لكنّني مطالب بجودتها وبراعتها.
شغل منصب رئيس الخطاطين، وكتب طغراء عبد المجيد خان، وترك آثارا خطية كثيرة في مساجد استنبول وغيرها، وإليه يرجع الفضل في ضبط التسبير واخراجه على النحو الذي نعرفه اليوم. كان منزله بخُرْخُر ناديا لتعليم الخط ومذاكرته، فتتلمذ على يديه الكثير من الخطّاطين منهم: عبد العزيز الرفاعي، ومحمد أمين يازيجي، وإسماعيل حقّي، وأحمد كامل، ومحمد خلوصي يازْغان، ومحمد نجم الدين أوقياي الذي كان تلميذه المخلص، وحسن رضا أفندي الذي أخذ عنه الخط الفارسي. توفي سامي رحمه الله سنة 1330. وقد أُصيب في أواخر أيّامه بالشلل. يروي سامي عن نفسه قال: «لمّا كنت شابّا اشتريت حطبا للموقد، فلم استطع شطره على الرغم من قُواي. وذات يوم مررت بشيخ منحني الظهر أمام بيته يشطر ذات الحطب بضربة واحدة بكلّ يُسْرٍ وإتقان، سألته عن سرّ ذلك، فأجاب: يا بنيّ إذا أعطى الإنسان نفسه لصنعته لدرجة الحلم بها في الليل، فإنّه يبلغ مراده من عمله، ومن لا يحلم بصنعته لا يصِل إلى هدفه، فأخذت العبرة من هذا العجوز» وقال: «ما عجزت عن تركيب لاحة إلاّ ورأيت شيخي في المنام يرشدني في ذلك التركيب، ويُنقذني من تلك المشكلة». ومن الطُرف التي تُروى عن سامي: أنّه مرّ برفقة خطّاط زميل له على بائع فحم، وهو يخطّ «ربّ يسّر ولا تعسّر» واقترح زميل سامي مشاهدته، فقال سامي: دعنا منه، وبعد إلحاح الزميل اقتربا منه، وحاول سامي أن يصحّح للفحّام خطّه، فقال الفحّام متحدّيا: إن لم يعجبْك خطّي فتعال واكتب. ولمّا رأى الفحّام خطّ سامي أعجبه وأكبره، وسأله عن اسمه، فقيل له: سامي، فانكبّ الفحّام على سامي يحاول تقبيل يده أو رجله، وسامي يمتنع، وجرى عراك بينهما، خرج منه سامي بثياب ملطّخة بسواد الفحم.
Comments
Post a Comment
مرحبا بكم في منتدى الخطاطين العرب